مترجم – وول ستريت جورنال | بعد مرور عام ونصف من الصراع في أوكرانيا، يظهر أن الإمارات تعتبر واحدة من الدول الأكثر استفادة من هذه الحرب، حيث تزدهر العلاقات الاقتصادية بينها وبين روسيا. تبدو الإمارات قد استفادت من تداول المواهب من روسيا وتسيير تدفقات الأموال الروسية، فضلاً عن تعزيز التجارة بين البلدين وزيادة الاستثمارات.
من جهتهم، يقوم التجار الروس بتصدير النفط والذهب إلى الإمارات بنسب أعلى من أي وقت مضى، كما يساهمون في زيادة الاقتصاد الإماراتي بشكل عام. تقوم البنوك الإماراتية بتجنيب الأموال الروسية من العقوبات الغربية، وهذا يعزز من دور الإمارات كوجهة للأعمال والاستثمار للروس.
يرى محللون أن الإمارات تستفيد من هذه الفرص المالية والاقتصادية التي تأتي من تنامي علاقاتها مع روسيا، حيث تستقطب الأموال الروسية وتسهم في تعزيز قوتها كمركز مالي عالمي مستقر. تساهم هذه العلاقات في تدفقات مالية قوية إلى الإمارات وزيادة تدفق الاستثمارات.
على الرغم من أن العلاقات بين الإمارات وروسيا تحظى بفائدة اقتصادية ومالية متبادلة، فإنها تثير أيضًا بعض التساؤلات بشأن موقف الإمارات من التدابير العالمية التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على روسيا بسبب صراعها في أوكرانيا. تجد الإمارات نفسها في مواجهة محاذير بين تعزيز العلاقات مع روسيا والالتزام بالتزاماتها الدولية.
ومن الملفت أن هذه العلاقات تعززت في ظل تصاعد التوترات بين الغرب وروسيا، مما يجعل الإمارات مركزًا ماليًا محايدًا قد يستمر في استقبال رؤوس الأموال وتعزيز التجارة في ظل هذا السياق العالمي.
شهدت الإمارات انتقال عشرات الآلاف من الروس في العام الماضي، مما جعل المجتمع الناطق بالروسية يشكل جزءًا بارزًا في هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه حوالي تسعة ملايين نسمة. ومن الجدير بالذكر أن معظم الروس الذين استقروا في الإمارات ليسوا من الأفراد الذين تفرض عليهم العقوبات الغربية.
الروس المقيمون في الإمارات يستطيعون الاستمتاع بمجموعة متنوعة من الأنشطة والخدمات التي تلبي احتياجاتهم. يمكنهم تناول أطعمتهم المفضلة مثل البيتزا، والاستمتاع بأغانيهم في حانات الكاراوكي الروسية، بالإضافة إلى إرسال أطفالهم إلى مدارس ناطقة باللغة الروسية للمحافظة على لغتهم وثقافتهم.
من ناحية أخرى، تشهد الإمارات ارتفاعًا في واردات النفط الروسي نتيجة حظر النفط الروسي من قبل الولايات المتحدة وأوروبا. تمثل الإمارات وجهة لإعادة توجيه صادرات النفط الروسي، حيث تقوم بشراء النفط بأسعار مخفضة وتقوم إما بإعادة بيعه أو تكريره لتصنيع منتجات تُباع بأسعار السوق. ومن الجدير بالذكر أن هذه التجارة لا تنتهك بشكل عام العقوبات الغربية، مما جعل دبي مركزًا مهمًا لصناعة تجارة النفط.
علاوة على ذلك، شهدت واردات الإمارات من النفط الخام الروسي تضاعفًا في عام 2022، حيث وصلت إلى 60 مليون برميل، وهو رقم قياسي يعكس تزايد الاعتماد على النفط الروسي.
بعد الغزو الروسي إلى أوكرانيا، أصبحت دبي مركزًا حيويًا للأعمال والتجارة، وتوجهت الأنظار إلى هذه المدينة كوجهة للتدفقات المالية والتجارية. يجتمع التجار في مختلف الأماكن مثل الحانة الأيرلندية ماكجيتيجان والمطعم الفرنسي كوكليه بالقرب من مركز دبي للسلع المتعددة، وهو منطقة تجارية ومالية تستقطب شركات متنوعة من مختلف القطاعات.
مات ستانلي، وسيط سابق يعمل في دبي، يشير إلى أن “السيرك يذهب إلى حيث السيولة”، مشيرًا إلى الجاذبية الاقتصادية التي تمثلها دبي للأعمال التجارية. يمكن للشركات والأفراد ممارسة الأعمال التجارية بسهولة في هذه المدينة التي تقدم بنية تحتية متطورة وبيئة قانونية مواتية.
وقد شهدت الإمارات تدفقًا كبيرًا من العملات الأجنبية بعد الغزو الروسي، حيث ارتفعت هذه التدفقات بنسبة تصل إلى 20٪ شهريًا منذ مايو 2022. يُشير جيمس سوانستون، اقتصادي في شركة كابيتال إيكونومكس، إلى أن هذا التدفق القوي للعملات الأجنبية إلى الإمارات لاحظ في مارس الماضي، وهو ما يشير إلى التزام الأفراد والشركات بالبحث عن بيئة استثمارية آمنة ومستدامة.
النخبة الروسية وجدت في دبي مكانًا مرحبًا لها، حيث يمكنها التمتع بالحياة الفاخرة والخدمات المتنوعة التي تقدمها المدينة. كما يُشار إلى حضور إيغور سيتشين، الصديق المقرب للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لاحتفالات رأس السنة الميلادية في دبي، مما يؤكد التواجد الروسي البارز في المدينة.
على الرغم من فرض العقوبات على سيتشين من قبل الولايات المتحدة وبعض دول أوروبا، إلا أنه لا يوجد ما يمنعه من زيارة الإمارات. تظهر هذه الأحداث كيف تصبح دبي وجهةً جاذبة للأفراد والشخصيات البارزة عالميًا، وكذلك للأعمال والاستثمارات المتنوعة.
إيغور سيتشين، الذي يدير شركة روس نفط الحكومية، زار دبي في رحلة عائلية وتم اكتشاف أنه كان يفحص شركات تستخدمها روس نفط لإعادة تصدير النفط الروسي إلى دول مثل الصين والهند وتركيا.
مجموعة من الشركات الناشئة ذات السمعة غير المعروفة نقلت موظفيها إلى دبي للعمل على تداول نفط روسي. يبدو أن تجارة النفط الروسي لم تكن معرضة للعقوبات مباشرة، ولكن متعامليها يجب أن يتأكدوا من عدم وصول المنتج النفطي إلى الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي.
رمضان قديروف، زعيم جمهورية الشيشان ومؤيد للرئيس الروسي بوتين، يمتلك عقارات في منطقة نخلة جميرا في دبي. قديروف تم وضعه تحت عقوبات أمريكية بسبب تورطه في أحداث أوكرانيا، ولكنه يبدو أنه لا يزال يحتفظ بوجوده في دبي.
على الرغم من تلك الأمور، شركة روس نفط نفت وجود معلومات دقيقة حول رحلة سيتشين إلى دبي ونشاط الشركة في هذا الصدد.
**الإمارات والتوازن الجيوسياسي بين أوكرانيا وروسيا
منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، يسعى الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان للحفاظ على علاقات جيدة مع كل من أوكرانيا وروسيا. وعلى الرغم من تحذير الولايات المتحدة للإمارات بعدم مساعدة موسكو على التهرب من العقوبات، إلا أنه يبدو أن الإمارات تروج لفكرة أن لديها دورًا في التسوية والتجارة بين الدول.
مسؤولون ومستشارون أمريكيون يقولون إنه لن يتم منع تداول النفط الروسي عبر الإمارات طالما تحترم الإمارات سقف السعر المفروض على النفط الروسي من قبل مجموعة الدول السبع (G7). وتشير التقارير إلى أن الولايات المتحدة وأوروبا حظرتا واردات الذهب الروسي، لكن هذا الحظر لا ينطبق على الشركات الإماراتية ما لم تبيع لدول تحت عقوبات.
في يونيو، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على شركة إماراتية اشترت معادن من فرقة فاغنر المرتزقة الروسية في أفريقيا. هذا يعكس التوازن الحذر الذي تحاول الإمارات المحافظة عليه بين مصالحها الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية.
الإمارات تاريخيًا تعاملت مع حالات عدم اليقين الجيوسياسي كفرصة لتحقيق مكاسب اقتصادية واستثمارية. وفي ظل التوترات الجيوسياسية الحالية، تبدو الإمارات تسعى لتحقيق التوازن بين الاحتفاظ بعلاقات مع مختلف الأطراف والحفاظ على استقرار اقتصادها النامي.
**دبي
الإمارات وبالتحديد دبي، تلعب دورًا مهمًا في استضافة وجذب الروس للاستثمار والتجارة. وبالنظر إلى الوضع الجيوسياسي الحالي وتداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا، لاحظت الإمارات فرصة لجذب رأس المال الروسي والاستفادة من ذلك.
تجارة الذهب: دبي تاريخيًا كانت مركزًا لتداول الذهب، ومع تصاعد التوترات الجيوسياسية والعقوبات، زادت حركة استيراد الذهب الروسي إلى دبي بشكل كبير. هذا يشمل زيادة ملحوظة في استيراد الذهب من روسيا خلال الفترة المشار إليها.
الاستثمارات والأصول الثروية: الروس بدأوا يتجهون نحو دبي للاستثمار وشراء العقارات وإقامة أعمال تجارية. بنوك إماراتية بدأت تقدم خدمات خاصة للروس الأثرياء، وهذا يعكس استجابة الإمارات لاستفادة من هذه الفرصة الاقتصادية.
التنوع الثقافي والمجتمع الروسي: يعتبر الروس دبي مكانًا آمنًا ومتعدد الثقافات، حيث يجدون فرصًا للعيش والاستثمار. تزايدت الجالية الروسية في دبي وأصبح لها تأثير ملحوظ على الحياة الاقتصادية والاجتماعية في المدينة.
تنوع القطاعات الاقتصادية: إلى جانب التجارة والاستثمار، يندمج الروس في قطاعات متعددة من الاقتصاد الإماراتي، بدءًا من التكنولوجيا وصولاً إلى العقارات وغيرها. هذا يعزز التنوع والاستدامة الاقتصادية في دبي.
تأثير على العقوبات والسياسات: يبدو أن الروس قادرون على تجنب بعض العقوبات من خلال الاستفادة من بيئة الأعمال في دبي وتعامل البنوك المحلية معهم. هذا قد يؤدي إلى تحول جزئي لمسار تأثير العقوبات المفروضة.
تواجد الروس في دبي يظهر كيف يمكن للمدينة أن تستجيب بشكل سريع للتغيرات الجيوسياسية وتستفيد من التحولات في الأوضاع الاقتصادية العالمية.