بدأت اليوم أعمال ملتقى المراقبين الاجتماعيين “الأحكام والتدابير غير الاحتجازية في قضاء الأحداث” الذي تنظمه وزارة التنمية الاجتماعية ممثلة في دائرة شؤون الأحداث، تحت رعاية سعادة السيد سالم بن مسلم البوسعيدي وكيل وزارة العمل لتنمية الموارد البشرية ويستمر لمدة يومين.ويهدف الملتقى إلى استعراض الأحكام والتدابير البديلة غير الاحتجازية في قضاء الأحداث والوقوف على دور وجهود الجهات والمؤسسات المختلفة في سلطنة عُمان في تيسير تنفيذ الأحكام والتدابير، وإيجاد شراكة وتعاون مستمرّين بين مختلف القطاعات للحد من مشكلات انحراف وجنوح الأحداث، إلى جانب الخروج بنتائج ومؤشرات وتوصيات حول آلية تطبيق الأحكام البديلة للتدابير غير الاحتجازية وبما يحقق المصلحة للحدث، والاستفادة من التطورات العربية في هذا المجال.
وقال فهد بن زاهر الفهدي مدير دائرة شؤون الأحداث بوزارة التنمية الاجتماعية في كلمة الوزارة: إن وزارة التنمية الاجتماعية تبنّت استراتيجية العمل الاجتماعي ” 2016-2025″ فيما يتعلق بالحماية الاجتماعية كأحد المحاور الأساسية التي تسعى لتقديم الرعاية والحماية الاجتماعية اللازمة في خططها وبرامجها الإنمائية، واهتمامًا من المديرية العامة للرعاية الاجتماعية ممثلة في دائرة شؤون الأحداث، والتي تقوم بتقديم الرعاية الاجتماعية لفئة الأحداث باعتبارهم من الفئات الأكثر احتياجًا لتمكينهم وإدماجهم في المجتمع ليكونوا أفرادًا منتجين ومساهمين في تنمية البلاد.
وأشار الفهدي إلى أن ظاهرة جنوح الأحداث تشكّل تهديدًا متناميًا لأمن المجتمع واستقراره وخططه التنموية وبنائه الأسري، وتعد من المشكلات الاجتماعية التي تحتل مكانة بارزة في ميدان الطفولة والمراهقة، وهي مشكلة ذات أبعاد بيولوجية ونفسية واجتماعية، وأكد على الجهود المبذولة للحفاظ على العادات والتقاليد وغرس الهوية العُمانية والانتماء لهذا الوطن من خلال تكاتف الجهود بين مختلف الجهات الشريكة الحكومية والأهلية التي تسهم في تعميق الانتماء والولاء للوطن والحفاظ على التماسك الأسري.
واستعرض مدير شؤون الأحداث المؤشرات الإحصائية في مختلف محافظات سلطنة عُمان بنهاية عام 2022م، حيث بلغ عدد الأحداث الجانحين 398 حدثًا من بينهم 358 حدثًا جانحًا، وعدد 40 حدثًا معرضًا للجنوح، ومعتبرًا التدابير والأحكام البديلة غير الاحتجازية أحد التوجيهات المعاصرة في إعادة وتأهيل وإصلاح الأحداث.
وشاهد راعي الحفل والحضور عرضًا مرئيًّا يعكس الاهتمام بفئة الأحداث في سلطنة عُمان من خلال جهود الرعاية والتأهيل والدمج التي تضطلع بها وزارة التنمية الاجتماعية بحق فئة الأحداث وبالتعاون مع الجهات الشريكة في هذا الجانب.
وتضمن الملتقى في يومه الأول تقديم خمس أوراق عمل، جاءت الأولى بعنوان “الأحكام والقرارات القضائية غير الاحتجازية وأثرها في تعديل سلوك الأحداث” وتناول خلالها فضيلة سليمان بن سيف النبهاني رئيس محكمة مسقط الابتدائية التعريف بقانون مساءلة الأحداث والأحكام البديلة المرتبطة بها كتدابير الرعاية والإصلاح للأحداث، كما تضمنت ورقته تأثير التدابير البديلة غير الاحتجازية على سلوك الأحداث خارج المؤسسات الإصلاحية كتطبيق الاختبار القضائي، والذي يكون تحت إشراف ومتابعة المراقب الاجتماعي.
عقبها قدم الدكتور راشد بن عبيد الكعبي مساعد المدعي العام ورقة العمل الثانية عن “العقوبات البديلة في التشريع العُماني”، تناول خلالها مبررات تطبيق العقوبات البديلة من ناحية الآثار النفسية والاقتصادية والاجتماعية وصعوبة تطبيق برامج الإصلاح، والعقوبات البديلة في التشريع العُماني كوقف التنفيذ، والاختبار القضائي، والإفراج بشرط، والتدريب المهني، والإلزام بواجبات معينة.
وذكرت الدكتورة مشاعل آل مبارك من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بالمملكة العربية السعودية في ورقة العمل الثالثة “خدمة المجتمع كبديل للعقوبات السالبة للحرية وتأثيرها في تقويم السلوك” بأن يتم استبدال الحبس أو السجن بعقوبات أخرى ينفذها الجاني خارج أسوار السجن، وتضمن في الوقت نفسه إصلاح سلوك الجاني وتحقيق العدالة الجنائية، وتضطلع عقوبة خدمة المجتمع بعدد من الأدوار التي تنتهي لصالح كل من الجاني والمجتمع، وتتطلب لإنجاحها تضافر الجهود بين عدد من الجهات والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية، كما تقتضي تحديد إطار تنظيمي واضح لعلاقات العمل والتعاون بين الأطراف المعنية لتطبيق خدمة المجتمع كعقوبة بديلة.
وتناول مسعود بن سعيد المحرزي باحث قانوني بدائرة الشؤون القانونية بوزارة العمل في الورقة الرابعة “التشريعات المتعلقة بتشغيل الأحداث” من خلال ذكر المادة 98 من قانون العمل، والتي تنص على أنه “يحظر تشغيل العامل الحدث من الجنسين أو السماح له بالدخول في أماكن العمل ما لم يبلغ سن 15 من عمره، ويجوز بقرار من الوزير رفع هذا السن في بعض الصناعات والأعمال والمهن التي تقتضي ذلك”، كما استعرض المادة 99 من القانون ذاته، والتي تنص على أنه “لا يجوز تشغيل العامل الحدث فيما بين الساعة السادسة مساء والسادسة صباحًا، كما لا يجور تشغيله تشغيلًا فعليًّا مدة تزيد على 6 ساعات في اليوم الواحد، ولا يجور إبقاء العامل الحدث في مكان العمل أكثر من 7 ساعات متصلة، ويجب أن يتخلل ساعات العمل فترة فأكثر للراحة وتناول الطعام لا تقل في مجموعها عن ساعة، وتحدد هذه الفترة أو الفترات بحيث لا يشتغل العامل أكثر من 4 ساعات متصلة، وأيضًا المادة 100 التي تنص على أنه “لا يجوز تكليف العامل الحدث بالعمل لساعات إضافية، أو إبقاؤه في مكان العمل بعد المواعيد المقررة له، كما لا يجوز تشغيله في أيام الراحة الأسبوعية أو الإجازات الرسمية، كما تطرق المحرزي في هذه الورقة إلى المواد القانونية الأخرى المتعلقة بالمهن التي يعمل فيها الأحداث، ونظام تشغيل الأحداث والظروف والأحوال والأعمال والمهن التي يتم فيها التشغيل.
واختتم الملتقى يومه الأول بالورقة الخامسة حول “المنظور النفسي للعقوبات البديلة للأحداث” وقدمتها الدكتورة منى بنت سعيد الشكيلية استشارية طب نفسي وأطفال ويافعين بمستشفى المسرّة، تناولت فيها التأثيرات النفسية من العقوبات التقليدية كالضغط النفسي والقلق وتزايد احتمالية الإصابة بالاكتئاب، وعدم القدرة على الاندماج الاجتماعي، ومشكلات في التواصل الاجتماعي، والسلوكيات العدوانية.
وتحدثت الشكيلية أيضًا عن النظريات النفسية وتطبيقها على العقوبات البديلة كنظرية السلوك الإيجابي، ونظرية نماذج الأدوار، ونظرية التعلم الاجتماعي، ونظرية التحفيز الذاتي، إلى جانب الأثر النفسي للعقوبات البديلة من حيث تحسين مهارات التعامل مع الناس، وتحسين التقدير الذاتي، والتكيف مع القواعد والمعايير الاجتماعية، والحد من الضغط والتوتر وغيرها.
ويشهد الملتقى اليوم مناقشة فريق العمل المشترك لمراجعة قانون مساءلة الأحداث، وتقديم منظمة الأمم المتحدة للطفولة ” اليونيسف ” ورقة حول “الصحة والسلامة لتشغيل الأحداث”.